كان يا ما كان كان في قديم الزمان وفب بلدة من بلاد الكون ويحكمها حاكمن يدعى الملك ضرمان , هذا الملك كان يتحلى بميزة ويسوء بميزة أخرى .
كانت الميزة التي يتحلى بها أنه إذا وعد لا يخلف وعده بل وإن كان وعده يكلفه الكثير .
أما السيئة التي كانت عنده أنه إذا أمر أحداً من شعبه بأمر ولم يستطع تنفيذه لأي سبب كان يصدر الملك بحقه حكماً بالإعدام , كما كان الإعدام في تلك البلدة هو بطريقة الرمي مكبلاً بالقيود في وسط البحر ليموت غرقاً .
وفي إحدى الأيام وبينما كان الملك يزور إحدى البلدان المجاورة ليلبي دعوة دعاها إياه أحد الملوك وإذ به ينبهر من جمال قصر الملك الذي يتلألأ بالذهب والياقوت وفن الإبداع المعماري الذي لا يضاهيه فن .
وبينما هو يتأمل في جمال ذاك القصر إذ يقبل إليه وزيره ومستشاره والذي كان يرافقه في كل رحلاته وقبل أن يبدأ بكلامه قال له الملك ضرمان : يا أيه الوزير قتيت إني سأوكل لك مهمة لا أريدك أن تنقضي مدتها قبل تنفيذها .
( بصراحة بدأ الوزير قتيت بالارتعاش تلك اللحظة لأنه يعلم بأنه إذا ما استطاع تنفيذ تلك المهمة قد تكون نهايته قريبه ) ومن غير الاستفسار عن تلك المهمة بدأ الملك بالحديث عنها لأهميتها عنده فقال :
أرأيت يا قتيت جمال هذا القصر أرأيت تنسيقه والإبداع الذي يحويه من زخارف ورسومات وتماثيل .
فقال قتيت نعم مولاي نعم البناء الذي أتقن مهنته ونعم الحاكم الذي جازاه على اجتهاده .
فقال الملك ضرمان : نعم يا قتيت ولهذا أنا آمرك ولمدة لا تتجاوز الأسبوع أن تحضر لي أفضل بناء في مدينتي ليشيد أجمل قصر رأته عيني على سطح الأرض وإن انتهى من بنائه فهو تحت حكمين إما أن أرضى ببنائه فيكون له عندي طلب لا يرد وإما أن أسخط عليه فأحكم عليه بالموت من سوء ما صنع , وإن مضى أسبوعك ولم تجد لي طلبي فاعلم أن عمرك قد انتهى وسأحكم عليك بالغرق هل فهمت ما قلته يا مستشاري العزيز؟
نعم جلالة الملك . قال قتيت .
فلم يكن من قتيت إلا أن عاد مسرعاً إلى بلاده ليسابق الزمن في البحث عن البناء الذي حدثه عنه الملك ولكن لم يتبقى من الزمن إلى ساعة واحده وسيصدر حكم الملك ضرمان على قتيت لعدم استطاعته إحضار البناء الشاطر الذي يستطيع أن يحقق للملك حلمه في قصر لم يرى أجمل منه على وجه المعمورة , وليس ذلك لقلت البنائين في بلاده بل لأن المواطنين يعلمون علم اليقين بما سيحدوه من جراء سخط الملك عليهم إذا لم يصلوا إلى درجة الإعجاب بما بنوه ، ولذلك كانوا يخشون من التقرب إلى الملك بأي محاولة يتخللها جزأ ولو يسير من الفشل , كما أن الوزير قتيت كان مقدراً لشعور المواطنين فلم يستطع أن يجبر أحد بل كل ما كان يفعله هو عرض الموضوع الذي أوكله إياه الملك وفي حال الرفض يكون الانصراف خطوته التالية وبينما هو في ساعته الأخيرة أحب أن يودع البحر الذي ابتلع الكثير من المعدمين وبينما هو يسير على الشاطئ .
تابعوا التكملة في الحلقة القادمة ولا تدعوها تفوتكم لأنها شيقة للغاية .